مركزية المرأة جوهر النسوية
عنوان غريب ماذا تعني مركزية المرأة ولماذا المرأة مركز وهل هذا يعني أن كل شيء يتمحور حولها وإن كان ذلك فما المشكلة أن تكون للمرأة المركزية المطلوب وأن تكون هي المركز في المجتمع والحياة ويتمحور كل شيء وتصمم القوانين خصيصا لها وتتميز, أليست هي الأم والاخت والزوجة أليست هي نصف المجتمع حتى تستحق أن تكون مركزا أحدهم يسأل ، في الحقيقة يجب أن نقرر مبدأ وهو أن الانسان لم يخلق في هذا الكون إلا لعبادة الله وإعمار الأرض بالطاعة والخير ودليل ذلك قوله تعالى (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون ) ، وأدلة أخرى على هذا فالقرآن آياته كلها تتحدث عن الغاية الأساسية والحقيقة لوجودنا في هذا الكون ،وهي توحيد الله وإفراده بالعباد والخضوع له وحده سبحانه وتعالي من هنا نعي لماذا خُلق الانسان وما هو السبب الرئيسي من وجودنا في الحياة وأن الانسان ليس هو مركز الكون بل هو جزء من هذا الكون, وهو مخلوق لعبادة الخالق صحيح أن الانسان هو المخلوق العاقل بين جنس المخلوقات ، والله سخر بقية المخلوقات له لكن هذا لا يعني أن تتمحور المركزية حوله كما في الدعوات الإنسانية, لكن هذا يعني أن الانسان حمل الأمانة التي لم تحلمها المخلوقات الأخرى كما في قوله تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا).
ومن هنا فالأنسان هو الكائن الوحيد الذي لديه الحرية في الاختيار بين طريق الشر والخير وهو المحاسب في الآخرة ولا أحد غيره لذا هذا يجعله الكائن المسؤول عن أفعاله ومطلوب منه العمل لتحقيق الغاية التي وجد من أجلها، وهي إعمار الأرض بالخير والطاعة لله سبحانه وتعالى كما قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وليس أن يكون محور الكون وتتركز عليه الحقوق بدون واجبات فالإنسان فالمنظور القرآني هو مخلوق لله عزوجل مكلف بواجبات وطاعات وله حقوق محفوظة إن قصر عوقب وإن تعدى أحد على حقه نُصر، وهذا هو منظور القران للإنسان وليس المنظور الغربي الإلحادي الذي ألغى الدين في حياة الانسان وركز على جوهر الإنسان ومتعته دون أي مسؤوليات عليه وغاص في فردانية مطلقة وهذا الفكر بدأ في القرن التاسع عشر الميلادي وبعد منتصف القرن الخمسينات بدأت النسوية في الظهور والدعوة لحقوق المرأة.
لكنها انطلقت من دعوة لحقوق المرأة إلى جعل المرأة هي المركز وكل الحقوق تتعلق حولها دون وضع أي مسؤولية على المرأة ومن هنا انطلقت مركزية المرأة فلم يعد مطلوبا منها أن تخدم المجتمع وترعى أبنائها ، ومشت في السياق الغربي الفرداني وتعززت وأصبحت المرأة في نظر النسوية هي المركز ،بدلا من المجتمع بل وحتى الدين فأصبح كل شيء يطوع للمرأة فالنصوص الدينية يجب أن يعاد فهمها حتى تتسق مع المفهوم النسوي وإن كان النص ليس متواتر ا تواترا قطعيا وفقا للقواعد الأصولية فيمكن إنكاره وتغييره مثل ما يتم التعامل مع نصوص طاعة الزوج وإنكار معظم نصوص السنة، لذا تجد من كثير من النسويات المتسترات بستار الإسلام تحاول الطعن في صحيح البخاري ومسلم لأنه في نصوص السنة ما يقف حائلا أمام إفسادهم مثل عدم جواز خروج المرأة من المنزل دون أذن زوجها وغيرها من النصوص حرمة تغيير خلق الله وغيرها من نصوص تحريم الوشم فهم يطعنون في السنة، ويحاولون تأويل النص القرآني بتحريف معناه مثل تفسيرات الهالك شحرور الذي كان يلقي شعبية لديهم ، أو كما يحاولون تفسير آية الميراث والالتفاف على معناها .
قد تتساءل بعضهن ما المانع أن تكون المركزية نحو المرأة وأن تكون هي مركز المجتمع ومحط الاهتمام فالشريعة جعلت برها أعظم البر ورتبت على رعايتها صغيرة الكثير من الأجر والقرآن قد سمى سورة كاملة بالنساء ، والجواب بأن الشريعة جاءت للكل والرعاية كانت كون المرأة هي العنصر الأضعف, لذا رتبت المسؤولية للرجل وجعل المرأة تابعة له وتحت مسؤوليته فالشريعة جاءت كاملة متوازنة حيال هذا الأمر ، لكن جعل المركزية للمرأة في المجتمع يعني دمار المجتمعات وزوالها وإغراقها بالفساد ، وهذا الحاصل عبر دعوات استقلالية المرأة بالسماح لها في العمل بكل الوظائف, دون اعتبار لاحتياجاتها الجسدية والنفسية والزج بها في صعوبات الحياة ومواجهتها دون عائل ينفق عليها وأسرة تدعمها وترعاها كما في المجتمعات الغربية، فالفتاة بعد بلوغها يتم طردها من المنزل وتعمل في كل الوظائف التي لا تستطيع منافسة الرجل فيها وهذا ما يجعلها حتى تعرض جسدها من أجل العيش وإكمال دراستها ومن ثم دعوة حرية الجسد فهي حرة في جسدها تعمل كماء تشاء وتحت هذا العنوان يتم إباحة كل الفواحش من الزنا والشذوذ دون أي عاقبة ، ومن ثم تتنقل إلى حرية الإجهاض وقتل الأجنة الذين لا ذنب لهم في الحياة سوى إنهم كانوا ضحايا لنساء اعتنقوا فكرا النسوية، وصدقوا بأنهم هم مركز الكون وأنه يحق لهم بأن يفعلوا أي شيء حتى لوكان تقطيع طفل حيا في وحشية لم يشهد مثلها عبر التاريخ وقتل الاجنة عبر الإجهاض بلغ بالملايين،بل ورمي أبناءهم في الملاجئ والتخلي عنهم بحجة أنهم يريدون عيش حياتهم في دمار كامل لمعنى الأسرة.
هذا ما تحدثه فكرة مركزية المرأة لمزيد من الأنانية والوحشية في المجتمعات وضياعها بل وانحلال البشرية كما يحصل في بعض الدول التي تواجهه نقص عدد السكان بسبب سياسيات الفردانية، وجعل المركزية للفرد وبالأخص المرأة فضاع مفهوم الأسرة ولم يعد يتحمل الرجال مسؤوليتهم لأن المرأة هي المركز, وأصبحت العلاقة الزوجية مدمرة فالقوانين الجائرة بحجة حماية المرأة يتم تدمير الزوج ماليا ، وكل هذا يتم تحت عنوان مركزية المرأة التي يطرحها الفكر النسوي بصفة عامة بحجة حماية المرأة لتدمير المجتمعات التي تعود بالسلب فأرقام العنف في الغرب لم تنقص بعد كل القوانين التي وضعت بدل زادت, وتزيد فالضغط يولد الانفجار ، فالخروج عن النواميس الطبيعة التي وضعها الله للكون والفطرة لن يولد إلا الاسوء والمزيد من المشكلات وهذا ماتعانيه البشرية كما في الغرب والشرق وهاهم العرب يلحقونهم عبر فرض القوانين المجحفة وعدم رعاية الأسرة وتحقيق التوازن في العلاقة بين الرجل والمرأة.
والحل للخروج من هذا المأزق التي وضعت البشرية نفسها فيه لا يكون إلا بالعودة للفطرة التي خلقها الله في البشر بأن الرجل هو المسئول والقوام عن الأسرة والعائل لها والمرأة ترعى الأطفال وتهتم بالأسرة وفق توازن دقيق كان موجود في الخليقة منذ خلقها الله حتى حصل الشذوذ في العقود الأخيرة, والإسلام قد راعى الأحكام الاجتماعية للمجتمع في توازن دقيق وتشريع معجز ضمن للمجتمعات الإسلامية حياتها وقوتها حتى في أحلك أيامها ولن تعود القوة للأمة إلا بالعودة إلى أحكامه وتطبيق مقاصده السامية من حفظ الأعراض والنسل.
بقلم: المطيب الحجازي
حساب الكاتب في الأسفل