صعود النيو-ماركسية وعقلية الضحية
تخيل أنك في الإتحاد السوفييتي … 15 سنة بعد الثورة البلشفية، أي في أواخر عشرينات القرن الماضي حيث كان اغلب الإتحاد عبارة عن قرى ، حيث يوجد هناك بعض المزارعين الفعالين جدا الذين إستطاعوا إنتاج أغلب الطعام للإتحاد، وهم بالطبع أقلية .. كما هو دائما حال الفئة التي تنتج فوق العادة .
وهناك – على الطرف المقابل – الكثير من الناس الذين لا تسير أمورهم بشكل جيد، لأن بعضهم يتعرض لما يتعرض له أغلب الناس، وفي أي مجال، لا يمكن للجميع لأن يكون متفوق، فمهموم التفوق يعني أن يقع الناسب في تراتبية وبعضهم حياته سيئة لأنه لم يكن يوما شخص منتج.
هنا مبدأ باريتو والذي نعتقد أنه قريب من الصحة لأنه يطابق كثير مما نشاهده بالواقع أمامنا وعبر التاريخ، أن أغلب العمل يقوم به 20% من الناس اللي يكون أكثر فعالية، هذه طبيعة وهكذا تسير الحياة، لا شيء لا أخلاقي يقوم به ال20% الأكثر فعالية.
يأتي الآن منظري الشيوعية في في الإتحاد السوفييتي، معتمدين على مبدأ كارل ماركس في إنه إذا قام أحدهم بالحصول على عائد مادي من مؤسسة، فإنه سرق هذا من موظفيه أو من ” يضدهم بإسم العمل” بهذا المبدأ فإن هؤلاء المتنتجين تم تصنيفهم بفئة الكولاغ Kulaks وأي شخص يصنف بهذه الفئة : مذنب
تم تحديد بعض علامات ظاهرة للمزارع الذي يصنف ك Kulak منها : – أن يستأجر عمال – أن يمتلك آلة معقدة بمحرك – أن يمتلك طاحونة – أن يؤجر أرضه أو معداته – أن ” يتورط ” بسمسرة، , تسمى ب non-labor profit.
نعود للقرية وتوزيعها الطبقي، والأقلية المنتجة، سيكون هناك من يفتخر بهم كجزء مهم ينتفع منهم ومن قدرتهم الفائقة على الإنتاج …. لكن سيكون هناك جزء أقل إيجابية غير سعيد بهذه الكيفية التي تسير عليها الأمور، ويريد عدالة المخرجات equality of outcome بدون أن يسأل نفسه ماذا أقدم ؟!
وعندما أتى منظروا الشيوعية لهؤلاء وقالوا لهم أنه ما يحصل لكم غير عادل من قبل هؤلاء ” الطفيليين ” ( يقصدون المزارعين الأغنياء بالطفيليين ) هو غير عادل، ويمكنك أن تقتله وتغتصب بناته وتأخذ ماله بأسم الخير .. فأنت مضَّطهَد … و هو مضطَّهِد.
تم استباحة المزارعين الذين تم تصينفهم بالكولك Kulak، وتم إرسالهم للغولاغ gulag، وهي ( للسخرية ) معسكرات عمالة وإستعباد، فوقع التناقض من هنا، من يعمل بأجر فهو مستعبد، لذلك سنأتي بمن إستعملهم ونجعله يعمل مجانا بظروف لم يمر بها بشر من قبل.
لم يشكف الجزء الفظيع من الغولاغ الا بعد صدور كتابة ” أرخبيل الغولاغ ” للكاتب ألكسندر سولجينيتسن الذي استند الى مئات الرسائل المكتوبة من المساجين … بالإضافة الى تجربته الشخصية الكتابة صنفته مجلة لوموند الفرنسية بالمرتبة 15 كأكثر الكتب أهمية في القرن العشرين.
ماذا كانت النتائج لعملية ال Dekulakization ؟!
لم يكن أسوءها أن الإتحاد السوفييتي طوال تاريخه اللاحق لهذه لم يحقق اليوتوبيا الاقتصادية .. ولا قتل ملايين من ال kulaks ولا أنه لولا مساعدات الحلفاء المادية لأصبحوا عبيدا للألمان الذين قتلوا وأسروا الملايين من جنودهم في 3 أشهر فقط, بل أن معاقبة الفئة المنتجة ادى لحدوث أكبر مجاعة من صنع الإنسان بالتاريخ … مات من الجوع ما بين 3-6 مليون شخص … جوعاً.
الجوع وصل لمرحلة غير معقولة وفوق التصور، وصل الحال بهم أن يذكروا الناس أنه من ” الخطأ أن يأكلوا أولادهم ” بالمعنى الحرفي ل ” يأكلوا ” كانت اذا اخذت أم بقايا حبوب من مزرعة محصودة، لتطعم أولادها الذين يموتون جوعا ( بالمعنى الحرفي ) تعدم !!!!! كانت الأعضاء البشرية تستبدل بالحبوب!
كل هذا اعتبر عمل خير، ومستباح حتى يتساوى الناس بالدخل !! هذا ما يحدث عندما تتبنى فئة عقلية الضحية بناءا على الهوية، وتستثمرها سياسيا … النهاية المحتمة هي الدماء والفوضى, هذا الجزء من التاريخ لا يحظى بالإهتمام الكافي … بسبب إعجاب المتثاقفين العرب… والغرب … بالثورية الشيوعية رغم انه خطورة الماركسية وتقسيم الناس الى ظالم ومظلوم .. فقط .. يجعل اللعبة هذه تنتهي بالدماء … الكثير من الدماء …
أتعجب من الغرب تحديدا الذي يخشى ان تولد معاداة السامية الهلوكوست بينما لا يخشى من أن تولد النيو-ماركسية جولاغ آخر… ومجاعة أخرى
بقلم الأخ محمد باتريوت
رابط حساب الكاتب في الأسفل